روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات أسرية | أب لعان لأبنائه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات أسرية > أب لعان لأبنائه


  أب لعان لأبنائه
     عدد مرات المشاهدة: 4064        عدد مرات الإرسال: 0

¤ نص الاستشارة:

أنا أم لثلاثة من الولد وأقطن مع زوجي في منطقة نائية ولدينا بعض الأغنام يرعاها زوجي ومعه ولدي الكبير...الذي يعاني كثيرا من سوء أخلاق والده الذي يلعنه ويسبه لأدنى سبب..وهو يهول الأمور الصغيرة رغم أن ولدي بار ومتفوق في دراسته ومحافظ على صلاته، حتى إن إبني من سوء معاملة أبيه له لا يمر عليه يوم إلا وقد أهانه أبوه، حتى إن ابني أصبح لا يعامل أباه جيدا من شدة ظلم أبيه له، وأنا أخاف عليه من العقوق، فهل دعوة الأب مستجابة؟

يضاف إلى ذلك أنني ملتزمة والحمد لله، سواء بالدين أو بالأخلاق الحميدة، وزوجي مقصر معي جدا في حقي -معاملة، إحترام، تقدير- وقد خدمت أمه على أكمل وجه، وتوفيت وهي راضية عني، وعندي له بنت من زوجة ثانية، أتتني وعمرها 12 سنة، وقد ربيتها أفضل تربية، وعاملتها على أحسن وجه، ولكن سبحان الله لا أقابل بمثل ما أعامل، وهو يفضلها كثيرا عن إخوتها.

[] الــــــرد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

بداية نرحب بكِ في موقعك، ونشكر لك الإهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يعينك على الصبر، وأبشري فإن العاقبة للصابرين، وحقيقة نحن نستغرب من سوء معاملة هذا الرجل، ولكن نسأل الله أن يعوضك خيرًا وبرًّا في هؤلاء الأبناء، وأن يجعلهم قرة عينٍ لك، وإعلمي أن من يفعل الخير ويفعل المعروف لابد أن يجد الجزاء عند الله تبارك وتعالى، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين، وسيأتي اليوم الذي يعرف هذا الرجل فيه فضلك وقيمتك، وإن لم يعرف فلا ضير، فإن الله تبارك وتعالى يُجازي على مثقال ذرة من الخير.

أما مسألة اللعن -والعياذ بالله- فلا يجوز للمسلم أن يتلفظ بها ويستمر عليها، فلعن المسلم فسوق وقتاله كفر، كما جاء عن النبي عليه صلاة الله وسلامه واللعن لا يجوز حتى مع الحيوان، ومع الأشياء، فكيف بالإنسان، كيف بالأبناء، الذين ينبغي أن ندعو لهم لا أن ندعو عليهم، ندعو لهم بالخير، لأن الدعاء على الأبناء مخالف لهدي النبي عليه الصلاة والسلام ولنهيه عندما نهانا أن ندعوَ على أنفسنا، أو على أموالنا، أو على أولادنا إلا بخير، ولذلك نتمنى من الله تبارك وتعالى أن يتوب على هذا الرجل.

ولكنا نريد أن نسأل: هل هذا الرجل يستخدم هذا اللعن مع الناس؟ هل إعتاد هذا في أهله وقبيلته؟ هل نشأ على هذه المسألة؟ يبدو الأمر كذلك، ولذلك في كل الأحوال فالأمر يحتاج منك إلى صبر، ويحتاج منكم إلى تذكير، ونتمنى من الأبناء الكرام أن يتفهموا هذه المسألة، طالما كان الولد متميزًا ومُصليًّا، فينبغي أن يحتمل من والده، فإن الوالد إذا أخطا فلنفسه، ولكن ما ينبغي أن نعامله بالقسوة، بل ينبغي أن ننصح له، وندعوَ له، لأن هذا الشرع الحنيف يُعطي الوالد منزلة رفيعة، حتى لو دعا الوالد ولده إلى الكفر، فإنه لا يُطيعه، فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

لكن بعدها قال الله: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا}، {وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما} إذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة، لكن ليس معنى ذلك أن يُقابل بالشتم والإساءة، وإنما {وصاحبهما في الدنيا معروفًا وإتبع سبيل من أناب إليَّ}.

ولنجعل قُدوتنا الخليل عليه وعلى رسولنا صلاة ربنا الجليل الذي قال له أبوه: {لئن لم تنتهِ لأرجمنَّك واهْجُرْني مَليًّا} لم يرد عليه بالشتائم، ولا بالسب، ولا برفع الصوت عليه، ولا بالإستهجان، ولا بالنظر إليه بحدة، إنما قال: {سلام عليكَ سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيًّا}، وذاك الأب كان على الشرك والكفر بالله تبارك وتعالى، أما هذا الأب فهو مسلم لكنه واقع في المعاصي.

من هنا ينبغي أن ننبه هذا الابن الكريم إلى ضرورة ألا يُقابل الوالد بمثل ما يفعل، وإنما يُحسن إلى والده، ويصبر عليه، وأرجو أن يجد منك التشجيع على ذلك، فإن هذا فيه صلاح له، وفيه أيضًا إصلاح للوالد عندما يصبر عليه ويُحسن معاملته، ويحتمل أذاه، وعلينا أيضًا أن نتفادى الأمور التي تُثير غضب الوالد، حتى لا يظل في غضب دائم علينا، ونجتهد دائمًا في أن نؤدي ما علينا من الواجبات، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا.

وأنتِ إن شاء الله تعالى على خير طالما أحسنت لأمه حتى ماتت، وهي عنك راضية، وأحسنت لإبنته، ولن يضرك هذا الذي يحدث، لكن يضر نفسه، وأرجو أن تربي أبناءك أيضًا على حب هذه الأخت، لأنها أخت لهم، وهي بحاجة إلى إخوانها أيضًا في مستقبل أيامها.

إستمري على ما أنت عليه من الخير، ولا تحملي إساءة الزوج أو تقصيره على مواجهة تقصيره بتقصير ومقابلة إساءته بالإساءة، ولكن إعلمي أن ما عند الله خير وأبقى للأبرار، وأن ما عند الله خير للمتقين، والعاقبة للمتقين، فإثبتي على هذا الدرب، وإصبري، وإعلمي أن الصبر مُر لكن العاقبة للصابرين، لكن ثمرة الصبر طيبة، فإتقي الله في نفسك، وواصلي هذا الطريق، رغم الصعوبة ورغم ما يواجهك، إلا أنك إذا تذكرت لذة الثواب ستنسين ما تجدين من آلام.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.